نشأت بين تركيا والإمارات في السنوات الأخيرة علاقات قوية على الصعيد الثقافي والعسكري والاقتصادي , إذ أصبحت تركيا مؤخرًا واحدة من أكبر شركاء للإمارات من الناحية التجارية، إذ وصلت التجارة الثنائية السنوية بين البلدين إلى 9 مليارات دولار أمريكي – ممّا أدى إلى ارتفاع 800 في المئة في آخر سبع سنوات على مستوى التبادل التجاري .
وفي إطار نظام الخصخصة في تركيا فقد تمّ تشجيع رجال الأعمال الإماراتيين على الاستثمار فيها بغية تنشيط التعاون المشترك بين البلدين، إذ تعهد الجانبان بتحسين العلاقات التجارية عن طريق المشاريع المشتركة ودعوة المسؤولين إلى الالتقاء والتشاور في المستقبل من أجل تحديد مجالات التعاون الممكنة بغية تشجيع الاستثمارات الإماراتية في تركيا والاستثمارات التركية في الإمارات. فقد أعلنت الإمارات عن تأسيس صندوق لدعم الاستثمارات الإماراتية في تركيا بقيمة عشرة مليارات دولار أمريكي. وقد جاء هذا الإعلان على لسان محمد حسن السويدي، رئيس مجلس إدارة شركة أبو ظبي التنموية القابضة، المرافق لمحمد بن زايد في زيارته.
اتفاقيات استراتيجية
وقد شهد الرئيس أردوغان وابن زايد مراسم التوقيع على 10 اتفاقيات تتعلق بمجالات الطاقة والمصارف والنقل والتكنولوجيا والبيئة والتبادل التجاري والاستثمارات الإماراتية في تركيا وكذلك الاستثمارات التركية في الإمارات , وهذا من واجبه أن يعزز العلاقات التركية الإماراتية على جميع الأصعدة.
ووصف ولي عهد أبو ظبي في تغريدة له محادثاته مع أردوغان بالمثمرة، موضحاً تفاؤله الشديد لفتح آفاق جديدة للتعاون والعمل المشترك بين البلدين.
وبعد عودة العلاقات التركية الإماراتية أقدمت أبو ظبي على شراء حصص في مشاريع تركية وإنشاء شراكات استراتيجية، وخاصة في مشروع قناة اسطنبول الجديدة الذي سيربط بين بحر مرمرة والبحر الأسود ويكوّن خطّاً تجارياً جديدياً يفتح الآفاق لسوق تجارية أوسع.
كما قامت الإمارات بشراء بنوك وحصص في البورصة التركية، من أجل توسيع الاستثمارات الإماراتية في تركيا حتى تضمن بذلك تحقيق شراكات قوية تدعم قطاع الصناعات الدفاعية التركية الذي شهد ازدهاراً واسعاً في السنوات الأخيرة، لا سيما في قطاع تصنيع الطائرات المسيّرة .
وقد رجّح فريق من المراقبين الاقتصاديين موافقة الرئيس التركي على منح محمد بن زايد امتيازات اقتصادية كبيرة في تركيا، طالما سيصب ذلك في صالح الاقتصاد التركي والعملة التركية المحلية ويعزز العلاقات التركية الإماراتية على صعيد التبادل التجاري والاستثماري .
– الروابط التجارية بين تركيا والإمارات
- تتمتع العلاقات التركية الإماراتية من الناحية التجارية والاستثمارية بآفاق واسعة جداً، ولا سيما في ظل التنوع الاقتصادي والسياسات التجارية المنفتحة للبلدين وموقعهما الاستراتيجي المتميز؛ إذ تعدّ الإمارات جسراً يصل بين الشرق والغرب، وبوابة تجارية عريضة للصادرات التركية نحو أسواق الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا، فيما تعدّ تركيا سوقاً تجارية مهمة للبضائع والصادرات الإماراتية، ونافذة لوصولها إلى عدد من الأسواق الأوروبية والآسيوية، الأمر الذي يبشر بتطوير العلاقات التركية الإماراتية المشتركة، والقفز بها إلى مراتب أعلى مستقبلاً. ويظهر التشابه القوي بين البلدين من حيث إنهما يشكلان معبراً تجارياً مهماً يربط بين الشرق والغرب، بموقعهما الجغرافي المميز.
- وتأتي تركيا في المرتبة 11 بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، فيما تمثل الإمارات الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالمياً. ويعدّ الذهب والحلي والمجوهرات أهم سلع التبادل التجاري بين البلدين على مدى السنوات العشر الماضية.
- وحققت تدفقات الاستثمارات الإماراتية في تركيا نحو 4 مليار درهم في نهاية 2020؛ حيث تتنوع استثمارات الشركات الإماراتية في قطاعات عدّة في الأسواق التركية، كالبناء والنفط والغاز والخدمات المالية والتصنيع والسياحة والطاقة المتجددة. وعلاوة على ذلك فقد بلغ رصيد الاستثمارات التركية الإمارات حتى بداية عام 2020 أكثر من 1.3 مليار درهم، وأهم هذه الاستثمارات كانت في البناء والتشييد والعقارات والقطاع المالي والتأمين والصناعة وتكنولوجيا المعلومات.
- و تعتبر الإمارات في مقدمة شركاء تركيا في التبادل التجاري، وفي قائمة الدول العشرين الأكثر تبادلاً تجارياً مع تركيا. وبحسب معطيات وزارة التجارة التركية لعام 2019، بلغت صادرات الإمارات إلى تركيا 3 مليار دولار. فيما بلغت صادرات تركيا إلى الإمارات 3.5 مليار دولار، فيما بلغ حجم التجارة البينية ذروته عام 2017 بقيمة 14.7 مليار دولار.
- و يأتي قطاع الاستثمار العقاري في قمة هرم الاستثمارات الإماراتية في تركيا، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في قطاع المصارف، وتشغيل الموانئ والقطاع السياحي , وعلاوة على تتميز تركيا بالتنوع الثقافي، فهي توفر فرصاً مميزة للمستثمرين الأجانب، من خلال اقتصاد قوي يرتكز على المستثمرين والمطورين والمبدعين , فتقدم لهم إعفاءات ضريبية وبنية تحتية قوية، وقوى عاملة مؤهلة.
الاستثمارات الإماراتية في تركيا في قطاع العقارات
تشير التقارير التجارية والاقتصادية إلى وجود زيادة في حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا في قطاع العقارات والتوسع في بناء الفنادق والمنتجعات والفلل في العديد من المناطق السياحية في تركيا مثل اسطنبول و أنطاليا ومارمريس ومنطقة البحر الأبيض المتوسط بشكل عام وطرابزون ومنطقة البحر الأسود، وبورصة، ويالوا، وصبنجه، كما تسعى الشركات الإماراتية إلى تشييد الشقق والمجمعات السكنية في طرابزون، وبورصة برأسمال يبلغ نصف مليار دولار.
المناطق التي يختارها الإماراتيون عند شراء عقار في تركيا؟
تأتي ولاية إسطنبول في مقدمة المناطق التي يركز عليها الإماراتيون عند شرائهم للعقارات في تركيا وخاصة في المناطق المركزية منها، مثل: تشاملجا التي يوجد فيها مشروع عقاري إماراتي حصل على جائزة أفضل بناء معماري متعدد الاستخدام في أوروبا، ويضم أبنية سكنية إلى جانب فندق ومركز تسوق على مساحة 150 ألف متر مربع.
وكذلك احتلت منطقة بيوك جكمجة في إسطنبول الأوروبية مكانة قوية في استقطابها للمستثمرين الإماراتيين بالشقق السكنية الفخمة، والفلل الجميلة المطلة على بحيرة بيوك جكمجة.
ومن أهم الاستثمارات الإماراتية في تركيا في قطاع العقارات في تركيا نجد مشروع Emaar Squere أو” ساحة إعمار” أو مساكن إعمار , وهو مجمع سكني ضمن مشروع ضخم يضم فندقاً ومركزاً للتسوق، وشققاً سكنية بإطلالات شاهقة على مدينة إسطنبول، تمتاز بأفضل معايير الجمال والفخامة والرفاهية بتصميمها الأنيق وشكلها العصري.
وكذلك مشروع وادي البحيرة بمبانيه الفخمة وإطلالاته الجميلة بالإضافة إلى مركز التسوق المشابه لمراكز نيو يورك الذي سيتمّ افتتاحه عمّا قريب.
ولهذا أصبحت تركيا بيئة جذابة للمستثمرين الإماراتيين في شراء العقارات وتنفيذ المشاريع، كونها بيئة استثمارية آمنة، تمتاز بتسهيلات حكومية وإعفاءات والتخفيضات، حيث حقق الإماراتيون أقل من 5% من مجمل مبيعات العقارات للأجانب في تركيا خلال أغسطس/آب 2020, وهذا كله من شأنه أن يدعم العلاقات التركية الإماراتية على الأصعدة كافة.

مستقبل العلاقات التركية الإماراتية
يتوقع الخبراء أن مستقبل العلاقات التركية الإماراتية قائم على تعزيز العلاقات اقتصادياً، وخاصة بعد عودة العلاقات الطبيعية بينها وتقويتها، إذ تعتبر الإمارات أحد أهم الأسواق بالنسبة للمنتجات التركية، كما يعتمد الاقتصاد على تدفقات الاستثمارات الإماراتية في تركيا ضمن الأرقام المهمة في الاستثمار الأجنبي في تركيا .
وإنّ اعتبار تركيا من أهم الأسواق التجارية للمنتجات الإماراتية يساهم بشكل كبير في الانتقال بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مرحلة أكثر تطوراً تعود بالنفع على الطرفين، فضلا عن كون تركيا نافذة للوصول إلى عدد من الأسواق الأوروبية والآسيوية، وهذا ما يعكس الإمكانيات الواعدة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة والوصول بها إلى آفاق أوسع مستقبلاً تنبئ عن خطط ومشروعات طويلة المدى.
للمزيد من المواضيع :